خطوات استرشادية للباحثين المبتدئين

Post date: Aug 15, 2015 2:59:29 PM

كتابة : محمد الدسوقي

تاريخ: الخميس 22/12/2011

كي نقوم بأي بحث علمي ناجح، فإن الباحث (وبخاصة المبتدئ حيث يكون لديه حرية أكبر في الوصول الى مجال البحث كما سيتضح لاحقاً) يحتاج إلى اسكتمال أضلاع المثلث الرئيسية والتي تتمثل في:

1- المهارات

2- الإمكانيات

3- المجالات

مع العلم بأن هذه المحاور يجب أن تأتي في هذا الترتيب على الرغم من أن الشائع هو أن نقوم بوضعها في ترتيب عكسي تماما؛ فمثلا عندما يريد الباحث أن يقوم ببحث علمي فإنه يبحث عن "مجال للبحث" أولاً! فهذا يريد البحث في مجال الهندسة واخر في الطب وثالث في الصيدلة...الخ. بل وأكثر من ذلك يقوم بالبحث داخل مجال تفصيلي فهذا في الهندسة الكهربية واخر في الهندسة الميكانيكية وثالث في الهندسة المدنية. ويزداد الأمر تعقيدا عندما يقوم الباحث في أحد هذه المجالات بالتضييق على نفسه أكثر فهذا يختار البحث في الغزل واخر في النسيج وثالث في التريكو..الخ. وبعد ذلك يقوم الباحث بعد أن اختار المجال بالبحث عن الإمكانيات المتوافرة لديه في أحد هذه المجالات حتى يتمكن من إنجاز شيئ ما فإذا ما توافر لديه احدى ماكينات النسيج مثلا فسوف يبحث عن نقطة بحثية تحتاج إلى ماكينة نسيج بغض النظر عن ماهية نقطة البحث أو ما يمكن عمله بماكينة النسيج هذه ويتحول الهدف عند هذه النقطة إلى أن تكون ماكينة النسيج هي محور البحث وأداته. هنا تأتي اللحظة التي يقتل فيها الباحث "مهاراته" حيث يقوم باكتساب (وفقد) مهارات لمجرد أنه يريد أن يستخدم الامكانيات الموجودة لديه للعمل في مجال ما.

وكما يمكنك أن تلاحظ فإن هذا هو المسار الذي يسلكه الكثيرون لمحاولة تفادي عوائق الأمكانيات التي غالبا ما تكون خارج إرادة الباحث وما أريد أن أطرحه هنا هو أن الترتيب العكسي لهذه المنظومة هو السبب في فشلها غالبا من حيث نوعية وجودة المخرجات البحثية. ومن ثم فيجب أن يبدأ الباحث من داخله بسرد "مهاراته" الشخصية ثم البحث عن المكان الذي تتوافر فيه "الامكانيات" التي يستطيع من خلالها استغلال هذه المهارات ثم البحث عن "مجال" تطبيقي مناسب.

وقد يرد إلى الذهن عند هذه النقطة السؤال السهل الممتنع.. كيف أكتشف وأتعرف على مهاراتي الشخصية؟؟؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنوه أولا على أن المهارة هي عبارة عن شقين: شق فطري وشق مكتسب! مع التأكيد على أنه حتى الشق الفطري يحتاج إلى قدر من الجهد وبدونه يكون غير ذي جدوى عمليا؛ فمثلا المهارة الفطرية الفنية بدون الدراسة والممارسة العملية قد لا تخرج أفضل الفنانين بينما الشخص ذو المهارة الفنية الفطرية المحدودة يستطيع بالممارسة والتدريب أن يتطور ويطور مهاراته تلك لاخراج عمل فني مبدع. وبالعودة إلى السؤال المطروح حول كيفية اكتشاف المهارات أقترح ما يلي:

1- المهارة غالبا ما تكون فيما تجد فيه المتعة الشخصية أثناء الممارسة وعدم الملل.

2- المهارة غالبا ما تكون فيما تقضي فيه وقت فراغك.

3- المهارة غالبا ما تكون فيما تجد فيه رؤية مستقبلية وقابلية للتطوير بمعنى أنه إذا ما تم عرض "شيء أو موضوع" معين عليك وعلى شخص اخر ووجدت في نفسك المقدرة على رؤية استخدام لهذا "الشيء" أو قصور فيه، فهذا يعني أن لديك المهارة المطلوبة في هذا الموضوع عن الشخص الاخر.

4- المهارة غالبا ما تكون فيما يحتاجك فيه الاخرون ويكثرون سؤالك عنه لمساعدتهم.

هنا نأتي "للامكانيات" فلنفترض مثلا شخص لديه المهارات الحسابية والرياضية وهو ما يحتاج إلى أجهزة حاسب وبعض البرامج، واخر لديه المهارات العملية فيحتاج إلى بعض الأجهزة والمعدات، وثالث لديه مهارات كيميائية فيحتاج إلى بعض المواد الكيميائية والمعامل..الخ.

وهنا نود التنويه إلى أن المهارات التحليلية والمقدرة على التفكير المنطقي والعلمي هي جزء أساسي لدى أي باحث ويجب عليه أن ينميها وهو ما يعيدنا إلى النقطه السابقة للتأكيد على أن المهارات فيها جزء كبير مكتسب وبالتالي يجب على الباحث أن يحاول البحث عن مصادر ودورات لتنمية هذه المهارات.

عند هذه اللحظة سيجد الباحث "الجانب التطبيقي" أو "مجال البحث" قد أتيح وفرض نفسه جلياَ بغير جهد أو عناء، مع ملاحظة أن المخرجات البحثية في هذه الحالة ستكون غالبا أفضل بكثير حيث يقوم الباحث باستخدام مهاراته في تطوير كل ما هو موجود وطرح أفكار ورؤى جديدة ويكون البحث في حد ذاته شيقا بالنسبة للباحث ويكون قابل للامتداد والتطوير المستقبلي.